فريق طبي كويتي يروي تفاصيل معاناة مستمرة بالقطاع
الشاهين الاخباري
قصص كثيرة ومواقف صعبة نقلها الفريق الطبي الكويتي الذي تمكن من دخول قطاع غزة يوم الثامن من مارس/آذار الجاري لمدة 3 أيام، أجرى خلالها 23 عملية جراحية لمرضى وجرحى فلسطينيين في مستشفيي “الكويت التخصصي” و”غزة الأوروبي”.
وعاد الفريق الطبي الكويتي مساء الاثنين الماضي إلى الكويت، حاملا معه ذكريات صعبة تروي معاناة أهل القطاع.
وقد ضم الفريق، الذي ترأسه مدير قطاع العمليات في جمعية الهلال الأحمر الكويتي الدكتور مساعد العنزي، استشاري جراحة العظام الدكتور حسين قويعان، واستشاري جراحة المسالك البولية الدكتور فيصل الهاجري، واستشاري التخدير الدكتور محمد شمساه، واستشاري الجراحة الدكتور محمد جمال.
مساعدة طبية
نجح الفريق الطبي في إنقاذ حياة مجموعة من المصابين من خلال تقديم العلاج اللازم والتدخلات الجراحية -وفق الإمكانيات المتاحة- في مستشفيي غزة الأوروبي والكويت التخصصي.
وأوضح الدكتور مساعد العنزي أن الفريق الطبي دخل إلى قطاع غزة عبر معبر رفح البري من أجل تقديم يد المساعدة للأشقاء الفلسطينيين ومساندة العناصر الطبية الفلسطينية في غزة، وهو أول فريق مكون من أطباء كويتيين يصل إلى القطاع منذ بدء العدوان الإسرائيلي.
وأضاف أن الدخول تم بالتنسيق مع الجهات المعنية في مصر واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر الفلسطيني وجمعية رحمة حول العالم، وأن مهمة الفريق تركزت على مساعدة العناصر الطبية في المستشفيات الفلسطينية وإجراء 23 عملية جراحية للحالات المرضية والإصابات الحرجة.
وقال العنزي للجزيرة نت إن “الفريق أدخل إلى قطاع غزة مساعدات طبية ومواد ومعدات ومستلزمات لدعم المنظومة الصحية في المستشفيات”، موضحا أن هناك خطة قادمة للفرق التطوعية الطبية من الكويت والدول الأخرى للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، ولمساعدة القطاع الطبي في غزة الذي يعاني من نقص هائل في المعدات والأجهزة والأدوية والفرق الطبية الفلسطينية.
منظومة منهارة
أما استشاري جراحة المسالك البولية الدكتور فيصل الهاجري، فقال في حديثه للجزيرة نت “خلال وجودي في القطاع، قدّمت العلاج لنحو 50 حالة مرضية، كلها كانت تحتاج إلى تدخل جراحي بسبب ضعف الإمكانيات وانهيار المنظومة الصحية والبنية التحتية وتكدس الناس في منطقة رفح، والمستشفيات عاجزة عن العمل، فمستشفى الكويت التخصصي يقدم خدمة جراحات المسالك البولية لكافة المتضررين بسبب تضرر المستشفيات الأخرى وانقطاع الخدمة فيها”.
وأكد فيصل الهاجري أن قطاع غزة يحتاج إلى مساعدات كبيرة، خصوصا في المجال الطبي المنهار.
شجاعة أهالي غزة
ويحمل استشاري الجراحة الدكتور محمد جمال في جعبته الكثير من الحكايا والقصص المؤلمة مما يتعرض له “الشعب الأبي في غزة”.
ويسرد جمال قصة الفريق الطبي منذ دخوله إلى القطاع، قائلا “قرارنا الذهاب إلى القطاع لم يكن سهلا، فنحن كنا نعرف أننا متوجهون إلى أصعب منطقة حرب في العصر الحديث، ولكن استمددنا الشجاعة من صمود أهالي القطاع، ولم نتردد في الذهاب عندما تهيأت السبل الممكنة لذلك”.
وأضاف “قمنا بإيصال الكثير من المواد الطبية والمعدات التي كانت المستشفيات داخل قطاع غزة بحاجة لها، فالوضع كان كارثيا جدا، وفي أول ليلة لم نتمكن من النوم ليس خوفا، وإنما من صوت الأسلحة وقصف الطائرات الشديد الذي كان يهز كل مكان”.
ويقول جمال للجزيرة نت “الوضع الصحي كان كارثيا، فالمستشفى الأوروبي الذي عملنا فيه كان يتجمع فيه وحوله نحو 30 ألف شخص من أهل القطاع الذين نزحوا من مناطقهم، وهناك الكثير من الخيام للنازحين. فلا يوجد نظام طبي صحي، والأطباء يعملون منذ نحو 160 يوما دون توقف ودون أي مقابل”.
وروى كيف أتى أحد الممرضين العاملين في المستشفى وهو في حال نفسية صعبة، حيث فقد الاتصال بعائلته في شمال غزة منذ شهرين، قائلا “كل شخص لديه قصص أخرى تدمي الفؤاد”.
ولاحظ الأخصائي استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي للأسلحة المحرمة، حيث أجريت عملية لأحد الشباب من أهل غزة اخترقت الرصاصة فخذه الأيمن واتجهت إلى فخذه الأيسر، والفخذ الأيمن أصيب بشبه قطع اضطر معه لقطع الساق، وقال “اكتشفنا لاحقا استخدام رصاصة تسمى الفراشة وهي تدخل الجسم وتتحول إلى شكل دائري لإلحاق أكبر قدر من الضرر للمصاب حتى يبقى معاقا بقية حياته إذا لم يفقد حياته”.
ويعتقد الدكتور محمد جمال أن زيارة الفريق الطبي الكويتي إلى غزة كان لها أثر نفسي كبير للأهالي، وعن ذلك يقول “أعتقد أن زيارتنا قدمت دعما نفسيا للشعب الفلسطيني في غزة، في الوقت الذي يشعرون فيه أن العالم قد نسيهم، وتوجّه الوفودِ إلى غزة يشعرهم بالاهتمام بهم”.
ووجّه رسالة لأهالي غزة قائلا “أغلب الشعوب العربية والإسلامية تتوق للذهاب إلى غزة وتقديم الدعم اللازم لهم لو أتيحت لهم السبل”.
تشجيع الفرق الطبية
ولخص استشاري جراحة العظام الدكتور حسين القويعان المطيري الوضعَ في قطاع غزة بأنه كارثي، فالقطاع منكوب بكل ما تحمله الكلمة من معان، والوضع مأساوي، والبنية التحتية مدمرة تماما، والناس تهيم في الشوارع بسبب نقص المواد الغذائية، ويتعرضون لحملة شرسة وظالمة من الاحتلال الإسرائيلي.
وعن زيارته الميدانية مع زملائه بالفريق الطبي الكويتي إلى قطاع غزة، قال القويعان “الحمد لله الذي يسر لنا دخول القطاع، وتمكنا من إجراء 23 عملية جراحية ترافقت مع تقديم الفريق المواد الإغاثية لأهالي القطاع. فزيارتنا كان لها أثر معنوي كبير، إذ كان معنا بعض الإخوة العرب من حاملي الجنسيات الأوروبية والأميركية”.
وذكر القويعان أن هناك بعض الحالات التي لن ينساها ومنها حالة شاب مصاب بطلق ناري في البطن خرج من ظهره، ولديه تهتك في الكبد والبنكرياس والمعدة، وأوضح “تمكن زميلي الدكتور محمد جمال من التعامل مع الحالة ووقف النزيف الداخلي وإنقاذ حياة المريض، وغيرها الكثير من الحالات”.
وأضاف للجزيرة نت “بوصفنا فريقا طبيا كويتيا، بذلنا ما نستطيع لتقديم بعض العلاج والإسعافات الطبية، ولكن لا يمكن لأي فريق أو منظمة أن تلبي الاحتياجات والمطالب، وذهابنا سيؤدي إلى تشجيع فرق أخرى للذهاب إلى قطاع غزة لإكمال المشوار الذي بدأناه في إغاثة ونجدة شعبنا الأبي المنكوب في غزة”.
يذكر أن جمعية الهلال الأحمر الكويتي قد أعلنت يوم الثامن من مارس/آذار الجاري دخول وفد طبي كويتي تابع للجمعية، وهو الدخول الأول من نوعه إلى القطاع منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
المصدر : الجزيرة